"دلوان " .. عشق الحياة بعبق التاريخ ..!!
دلوان عشق الحياة بعبق التاريخ
محمد الدلواني
دلوان ما زالت في مخيلتي هي منبع الجمال والعراقة ،وهي تاريخ قريب وبعيد يحمل عبقا خاصا ونكهة كنا ننتظر الاسمتاع بتناول سيرتها في كل الأوقات من باب البير وباب شعوب ومن الميدان وتحت التالوقة الكبيرة بجوار بيتنا وصولا الي بيت ناصر وبيت مجمل وبين الغرة والمحجر ، وفيما بينهما المدرسة والآبار المتعددة.
خلال الثلاثين عام الماضية كانت زياراتي لقريتي محددة الأماكن ، أذهب لحضور مناسبات في الغالب أقيم في منزلي، إذا لم أقرر العودة في نفس اليوم .
وفي كل مرة أتذوق نكهة قريتي بشكل مختلف. وخلال الفترة القليلة الماضية دعيت لحضور احتفال عائلي بمدينة خمر القريبة من قريتي ولم تطاوعني نفسي بالعودة دون أن أمر عليها وإن كان ذلك مرورا عابرا .
يرجع وجود قريتي الي تاريخ قديم وذكرت في تدوينات كثيرة اهمها الاكليل ومن أشهر معالمها حصن ناصر بن جابر الأكثر اتساعا وتخصصا لاغراض كثيرة
الي جانب بنائها المعماري القديم وآبارها متعددة الأغراض ومن أشهر من انتسب إليها الكاتب/ يحي بن محسن الدلواني الذي قام بنسخ كتاب نيل الاوطار للشوكاني سنه 1225 هجرية والكاتب/ احمد بن محمد .ن كمال بن علي بن أبي بكر بن إبراهيم بن حسن بن الكمال الدلواني الذي شارك في تحقيق كتاب الضوء اللامع لأصل القرن التاسع كما تم الاشارة الي وجود عدد من المخطوطات للشوكاني بخط يد احد تلامذته الملقب بالدلواني .
كان الغرض من هذا التأصيل هو جمع بعض الكتابات وبالطبع كان الهدف الاساسى لكتابتها هو التوثيق ومن مرجعيات وكتب قيمة ومعروفة في التاريخ ولهذا السبب كان لي شرف الالتفات اليها والقيام بتوثيقها والكتابة عنها . مع التنوية بأني قد اخذت على عاتقي البحث عنها وتعريف الشباب والاجيال القادمة بالاهتمام بتدوينها والرجوع اليها .
وهناك من كان مهتما الي جانبي وقابلني بالترحاب والمودة مطالبا بعدم اهمال مثل هذا الإرث من التوثيق والحرص
على اشهاره .
وفي حوار جميل تناقشت مع
بعض المهتمين حول تلك الكتب ومرجعياتها وقصصها ، وحكاية رسالة
أحد نواب الأمام يحي الي جدي
التي لازلت احتفظ بنسخة منها .
وفي التوثيق نجد من يقول انت ابن من وماذا يتوفر عنك من كتابات وهل سبق لك أن قمت او كان لديك اهتمام بالكتابة والتوثيق"
" وبالنسبة لي انتهج في هذا المقال نهجا أدبيا مبتكرا، يمزج فيه بمحبة بين التوثيق باهتمام والبنية السردية للوثائق القديمة والروح التحليلية للكتابة المهتمة . فمثل تلك الكتابات التي تستدعي توثيق ومرجعيات تاريخية لا يجب ان نكتفي امامها بسردها كحكايات على نحو خطي صرف، بقدر ما ننسج ضمن خيوطها تأملاتنا واعتزازنا، وبكتابات ومفردات ايجابية ذكية، واستشهادات منتقاة بعناية من مراجع معتمدة ومعروفة ، مما يضفي على مضامينها طابعا فريدا يجمع بين استدعاء النجباء لتوثيق عمق فكرهم .
فالكتابة لدينا في أموركهذه ليست مجرد وسيلة للتسلية أو الترفيه، بل هما أدوات فعاله لفهم الواقع ، واستذكار التاريخ القديم بكل تعقيداته، وإثارة الأسئلة الملحة واحيانا المؤرقة.
لذا، يمكن القول إننا نبتكر ما يشبه “القصص ”، حيث تتضافر المفردات والشخصيات مع المفاهيم المجردة
والرؤى النقدية.
هذا الأسلوب المتفرد يمنح المتابع متعة القراءات التاريخية بعمق طرحها الفكري في آنٍ واحد، ويحول الفرد من مجرد قارئ سلبي للتاريخ إلى شريك فاعل
في عملية التفكير والتوثيق ".
ومن جهتي ففي كل زيارة لي لقريتي وتحديدا في المساء وقبل المبيت وبعد السفر لابد لي وأن أمشي مساءا وغالبا وحدي في بعض الأماكن.
والناس ، كأغلب اليمنيين لطفاء
جدا ويستوقفني البعض أمام منازلهم
للترحيب بي بود لم أتوقعه
وإبتسامات جميلة ومحببة..
ولفت نظري التنامي والزيادة في عدد السكان التي تطغى فيما بين الاسر وأن كنت أعرف مايترتب عليها من صعوبات
الا انني وفي ظروف كالتي نعيشها اجد معظم الأسر تمر بظروف اقتصادية صعبه .
ودهشتي كانت في قدرة الناس على التكيف مع المتغيرات خلال الفترات الماضية مما يدل على كفاءة صبرهم
بالرغم من تفاقم المشاكل وأن كانت غالبا ذات دوافع غير مبررة رغم وجود عدد لا بأس به من الشباب الذين تعلموا وان كان تعليمهم محدودا الا ان وضعهم يعتبر افضل ممن سبقوهم ..
ألمي كان على هدم جزء كبير من
" قريتي " وخصوصا المشهور منها ويا ليت كان ذلك الهدم لمبرر منطقي بقدر
ما يمثل اجتهاد فضوليين وليس أكثر
من ذلك .
أعتقد أن ما يجعل الاحساس في باب شعوب التي تقع بجواره بيوتنا القديمة والجديدة أنه عتيق ولأغلب الناس فيه ذكريات الا أنه غالبا لن يعود الي ما يليق بالقرية العريقة.
كان مروري بعجالة على الآبار التي لم تعد هي أيضا تتمتع بعبق جميل وذكريات مختلفة.. وكتابتي تمثل تجربة تصلح كقصه ، حيث لم أرى فيها تدوين يغلب على ما رأيته في بعض الأماكن بل كان هناك تنوع أكثر وأتمتع من حين لآخر بالجلوس في ماتبقى من شوارع بالقرية وتحت ظلال التالوقة ، وتبادل الحديث
مع البعض ، …
وفي منزلنا ، يزورني ويقابلني الكثير بالمودة والابتسام ، وبعض البعيدين كذلك . فقريتي كانت جمال وعراقة وسكان لديهم شغف . يجعلوا من تواصلنا متعة ، بيسر وسلاسة ، تتوافق مع جمال وعراقة أصول الناس ومنظر جزء من القرية من مكان يقع أعلى الجامع وما يمثله من خيال في قمة الجمال والروعة .
ما أعمق تاريخك يا قريتنا العزيزة وما أحلاك يابلدي برغم المنغصات وكل مادار ويدور .