سورية : إنتصار القيم القومية الأصيلة..


سورية : إنتصار القيم القومية الأصيلة..

 

 

طه العامري ..

 

في عام 2011م وفي بداية انطلاق الفوضى العبثية التي شهدتها المنطقة تحت يافطة ( الربيع العربي ) قلت ولم يخيب الله قولي ( أن خارطة المنطقة والعالم سوف تتشكل من دمشق ) ومنذ الوهلة الأولى لتفجر الأحداث الدامية التي عمت دول الجمهوريات العربيه كنت على يقين بأن سورية النظام والجيش والقدرات والثقافة والهوية والدور والرسالة هم المستهدفون من تداعيات ما سمي ب ( الربيع العربي ) الذي بدأ من تونس مرورا بمصر فاليمن وليبيا ولكن هدفه كان وغايته سورية الدور والرسالة كخيار لدى محاور التآمر بأن دمشق هي صانعة نصر المقاومة عام 2006م في حرب هزم فيها الجيش الذي لا يقهر ..سورية التي لم ترتهن للبنك والصندوق الدوليين ..سورية التي لم يدون اسمها في سجلات الدول المديونة للمؤسسات الدولية ..سورية التي حققت توازنا استراتيجيا مع العدو التاريخي للأمة ..سورية التي حققت معدلات تنموية عاليه وفي مختلف المجالات التنموية والصناعية والاقتصادية بما في ذاك الصناعات العسكريه ..سورية التي حافظت على علاقتها الإستراتيجية الراسخة مع روسيا الاتحادية واصطفت إلى جانب روسيا منذ لحظة ميلاد الاتحاد الفيدرالي الروسي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ..سورية التي لم تكترث لتهديدات أمريكا بعد احتلال أمريكا للعراق عام 2003م ووصول كولن بأول إلى دمشق ثم جيمس بيكر حاملين في حقائبهم رسائل التهديد والوعيد لدمشق ( التي عليها أن تعيد حساباتها بعد أن وصول دبابات أمريكا إلى حدودها ) !!

هكذا قال كولن بأول لدمشق وهكذا قال أيضا جيمس بيكر الذي لم يتمكن يؤمها من لقاء الرئيس الدكتور بشار حافظ الاسد إلا بعد ثلاثة ايام من الانتظار في فندق الشام ..كيف لا ينتظر وهو القادم مزهوا بوهم الانتصار ودون موعد مسبق او تنسيق للزياره فاستحق أن يعاقب بالانتظار ثلاثة ايام وهذا لم يحدث مع أي مسئول أمريكي في أي بلد فما بالكم بوزير خارجية أمريكا الذي يستقبله حكام العالم في المطارات ..؟!

لكن في دمشق اضطر أن ينتظر ثلاثة ايام متتالية حتى سمح له بلقاء الرئيس بشار لدقائق ويغادر على أثر اللقاء محبطا وخائبا مدركا أن من يحكم دمشق يختلف عمن يحكمون بقية عواصم العالم وهذا ما كلف بوش الأبن إلى التوجه نحو مزرعة عراب السياسة الامريكيه ( هنري كيسنجر ) برفقة طاقم إدارته ليتلقوا دروسا حول سورية وقيادتها وعن شخصية الرئيس الراحل حافظ الاسد والقيادات العربيه السوريه والآلية المناسبه للتعامل مع سورية فوضعهم ( كيسنجر ) أمام جملة من التحديات التي تجعل مهمة تطويع سورية ضربا من المستحيل ..

فكان الربيع المزعوم هو الخيار ولثمان سنوات ومؤامرة كونية ضد سورية شاركت فيها بصورة مباشره قرابة مائة دولة وبصورة غير مباشر كل دول العالم باستثناء قرابة 18 دولة فقط من أعضاء الجمعية العامة للامم المتحدة كانت إلى جانب سورية في مقدمتها روسيا والصين وإيران ..

ثمان سنوات حربا ضد سورية أنفقت خلالها المليارات واستخدمت فيها كل الأسلحة ووظفت فيها كل الحيل التامرية والأدوات المشروعة وغير المشروعة في حرب تجاوزت فترتها الحرب العالمية الثانية وفاقت الأسلحة المستخدمة فيها ما استخدم في الحرب العالمية الثانية ومورست فيها كل أساليب الخداع والتظليل والتزوير والتزييف والكذب وسخرا لها ماكينة إعلامية هائلة وغير مسبوقة في تاريخ الحروب ..!!

ومع كل ذلك وبعد ثمان سنوات من الصمود والتصدي والمواجهة والثبات ها هي سورية تنتصر ويشهد كل العالم بما في ذلك أعدائها ومن شارك بالتآمر عليها ..كل هؤلاء يشهدون اليوم بعظمة سورية وعظمة انتصارها الذي سيدون في ذاكره التاريخ والأجيال المتعاقبة ..

اليوم ها هم بعض المتآمرون يعيدون حساباتهم وبهرولون إلى دمشق معتذرين طالبين الصفح والمسامحة معبرين عن خطائهم الفادح بحق سورية قلب العروبة النابض وبحق قيادتها وشعبها وقدراتها ودورها ورسالتها القومية ..

لم اتفاجئ اليوم بفتح سفارات الامارات في دمشق ولم تفاجئنا زيارة الرئيس السوداني عمر حسن البشير لدمشق قبل ايام كما لم اتفاجئ بزيارة السيد علي مملوك قبل أسابيع للقاهرة كما لم استغرب من إعلان واشنطن سحب قواتها من سورية وايضا لم اتفاجئ بسعار السلطان اردوجان ومحاولته خلط الأوراق من خلال حشد قواته على الحدود العربيه السوريه بذريعة حماية حدوده او بالأصح استعراض عظلاته بهدف الحفاظ على ماء وجهه الذي لم يتمكن من الحفاظ عليه مهما سعى هذا العثماني الحاقد على العرب والعروبة التذرع بذرائع جيبولوتيكيه وهو في هذا السلوك يقف في ذات المربع الذي يقف فيه رئيس حكومه العدو الصهيوني الذي يعيش ذات الحالة النفسية التي يعيشها اردوجان التركي فكلاهما راهنوا على كسر إرادة سورية وقائدها وقيادتها وجيشها وشعبها ولكنهم بعد ثمان سنوات من التآمر يكتشفون أنهم كانوا على خطاء وخطاء فادح وراهنوا على الوهم والسراب ولم يجنوا من رهانهم سوا خيبة أمل وهزيمة تلاحقهم وسيدفعون ثمنها عما قريب بدليل أن الأول حصر همه ومشكلته في مدينة منبج حيث خصومه الأكراد فيما الآخر يعيش هاجس الإنفاق جاعلا منها قضية العصر  ..!!

يتبع